د. أحمد الشيخ لـ »جسور« : - نتطلع لتوظيف التقنية لردم الفجوة بين أطباء الروماتيزم والطب النفسي
شبكات التواصل الاجتماعي وتجار الوهم
ساهموا في انتشارها
د. أحمد الشيخ لـ "جسور":-
نتطلع لتوظيف التقنية لردم الفجوة بين أطباء
الروماتيزم والطب النفسي
د. أحمد عبد
الرحمن الشيخ استشاري أمراض الروماتيزم تخرج في جامعة الملك سعود عام 1985 وحصل
على البورد العربي للاختصاصات الطبية في الطب الباطني في عام 1991 وفي عام 1994
أنهى تخص أمراض الروماتيزم في الكلية الكندية.
"جسور"
التقت به وكان هذا الحوار:-
التوعية
ضرورة وعندما تقدم من المختصين تصبح أكثر تأثيرًا
في البداية
كيف تعرف بنفسك؟
- مواطن
سعودي أكرمني الله بخدمة المرضى مما حملني المسؤولية تجاههم وتجاه وطني بشكل عام
فلله الحمد والمنة على نعمة الإسلام والأمن والأمان.
ما الدافع
لاختياركم الطب البشري دون غيره؟
- في أثناء
المرحلتين الابتدائية والمتوسطة كنت أجد تشجيعًا كبيرًا ودعمًا لا محدود من
عائلتي، وكانت عباراتهم المحفزة سببًا في حبي لمهنة الطب، وقد آتى هذا التشجيع ثماره
حين وصلت للصف الثاني الثانوي حيث اتجهت إلى التخصص العلمي، وحققت فيه تميزًا
وتفوقًا، فوجدت حثًا كبيرًا من المعلمين أن أتعمق أكثر في المجال العلمي، وأكدوا
لي أن إمكانياتي تؤهلني للتميز في مجال الطب، فأصبحت أفكر بشكل جدي في دراسة الطب
البشري.
ما الذي شجعك
على اختيار تخصص الروماتيزم؟
- تخصص
الروماتيزم هو أحد التخصصات المتفرعة من الطب الباطني والمكرسة للتدريب في مجال
الأمراض التي تؤثر على الجهاز الحركي أي العظام والمفاصل والعضلات والأربطة
والأنسجة المحمية بالمفاصل، وهذا يشمل العديد من الأمراض ذاتية المناعة مثل مرض
المفاصل الرثوي أو الروماتويد وكذلك مرض الذئبة الحمراء ومرض تصلب الجلد الذي يطلق
عليه "اسكيروا ديرما" ومرض التهاب العضلات المناعي، حيث تعرفت على هذه
الأمراض وغيرها أثناء فترة التدريب في الطب الباطني عند استقبال المرضى المصابين،
فأحببت هذا التخصص لكثرة المصابين وقلة المتخصصين فيه آنذاك، فلم يكن هناك متخصصين في الروماتيزم سوى طبيبين سعوديين هما د. عبد
الله الضلعان و د. سليمان البلاع، فقررت التوجه في هذا الاختصاص.
من الداعم والموجه الأول للدكتور/
أحمد الشيخ؟
- يعود الفضل لله ثم لوالدتي التي كان
لها دور كبير في دعمي وتوجيهي خصوصًا أثناء دراستي في المرحلة الثانوية والجامعية،
ثم إن هناك العديد من الأستاذة الأفاضل والأطباء، كان لهم دور في توجيهي أثناء
دراسة الطب، كما التقيت أثناء فترة التدريب في القسم الباطني عددًا من الاستشاريين
المميزين كان لهم أيضًا دور كبير في دعمي بشكل غير مباشر وكانوا مثلًا أعلى وكانوا
نعم المعلم والموجه، وساهموا في توجيهي من ناحية التخصص وتدريبي من نواحي الأداء
الجيد والاهتمام والعناية بالمرضى.
يطلق عليك زملاؤك وفريقك الطبي "عراب
الروماتيزم". ماذا يعني لك هذا اللقب؟
- "العراب" هو ترجمة لـ (جود
فاذر)، وتعني الشخص الذي يكون كالأب بالرعاية والمساندة والمثل الأعلى، وحيث أني
كنت المرجع للمتدربين عندما تواجههم بعض المعوقات والمشاكل فقد أطلق الأطباء
الشباب المتدربون على هذا اللقب، وهذا بلا شك فخر وشرف لي أتمنى أن أكون جديرًا
به، وأرجو أن أكون حققت أو ساعدت أو ساهمت بشكل جيد في مستقبل بعض الأطباء الشباب.
ماذا تعني لك مهنة الطب، وما هي
الرسالة التي يجب أن يحملها الطبيب؟
- الطب ليست مجرد مهنة؛ بل هو رسالة
إنسانية تسمو فيها القيم والمبادئ، يبذل فيها الطبيب كل ما يملك من علم ومعرفة،
ويقدم الكثير من التضحيات من أجل تلك الرسالة. والطب مسؤولية؛ فالطبيب يعايش
الإنسان في لحظات قد لا يعايشه شخص غيره وهي لحظات الضعف والألم والمرض والحياة
والموت، فالمسؤولية في هذه الحالة عظيمة جدًا، فالدور الذي نيط به مهم للغاية،
ويجب على الطبيب أن يكون عند حسن ظن المريض، وعليه أن يقوم بواجبه بإحسان ويبذل
قصارى جهده لأجل راحة المريض، والطبيب لابد أن يكون ملمًا بأصول ومهارات مهنته
لتخفيف المرض والمحافظة على الصحة العامة.
ترأست العديد من اللجان العلمية
والتدريبية لسنوات ولا زلت .. حدثنا عن هذه التجربة؟
- يمن الله على الإنسان بنعم كثيرة
وقد اختص الله الأطباء بمهنة إنسانية وعلم في غاية الأهمية، ولذلك نجد أن مسؤولية الطبيب
لا تنحصر في علاج المرضى فقط؛ بل مسؤوليته تتجاوز ذلك بنشر العلم والتوعية
والمشاركة في كل ما من شأنه خدمة هذه المهنة، ومن هذا المنطلق فإنني عملت عضوًا
للمجلس العلمي للتدريب في تخصص الباطنة في بداية انطلاقة المجلس، ثم ترأست المجلس
العلمي للروماتيزم بالإضافة إلى عملي نائبًا للمدير التنفيذي للتدريب في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ولم يقتصر دوري على ذلك
بل حرصت على إعداد الأبحاث وإصدار بعض الكتيبات التوعوية والنشرات في مجال تخصصي
وهذا ما أعطاني تجربة مميزة ومعارف مختلفة استطعت مشاركتها مع زملاء المهنة من
أطباء وأطباء متدربين، ولازلت أحرص على هذه الجوانب بشكل مستمر.
كونك عضو في
جمعية الروماتيزم السعودية ولكم تجارب مع جمعيات مماثلة كيف تقيمون مخرجات هذه
الجمعية خاصة فيما يتعلق بالتوعية والتثقيف؟
- لاشك أنها
تجربة مميزة وهي امتداد لما ذكرته سابقًا وما يميز جمعية الروماتيزم السعودية أنها
من الجمعيات المتخصصة والنشطة في مجالها، وقد قامت بالعديد من الندوات التوعوية
للمرضى ولازالت تقدم جهود مميزة برئاسة الدكتورة حنان الريس وفريقها وهذا ليس
بغريب على إدارة الجمعية؛ حيث إن الدكتورة حنان الريس لها إسهامات سابقة قبل أن
تتسلم إدارة الجمعية ومن الكوادر الوطنية النشطة في مجال توعية مرضى الروماتيزم.
كيف ترون
تعاون القطاع الخاص مع الجمعيات العلمية فيما يتعلق بدعم رسالة الجمعيات التوعوية
وأهدافها؟
- من وجهة
نظري، هناك جهود لا يمكن إنكارها، ولكنها لازالت أقل من المطلوب، والمأمول من
القطاع الخاص بمنشآته المتنوعة في قطاع الأدوية أو العلاج أو التدريب القيام
بالمسؤولية تجاه المجتمع. وكون الجمعيات العلمية تدعم الباحثين وتؤدي دورها في التوعية فإن القطاع الخاص يجب أن يدعمها بشكل أكبر من
الوضع الحالي ويجب أن يقوم بدوره أيضًا في دعم الطبيب السعودي من خلال الجمعيات
العلمية المتخصصة.
كما أن رسالة الجمعيات العلمية
المتخصصة للجمهور المتخصص والعام بحاجة إلى الدعم من قبل القطاع الخاص.
ما الذي ينقص في التوعية بمرض
الروماتيزم ؟
- رغم الجهود المبذولة من الجمعية
والقائمين عليها والأطباء المختصين في المجال إلا أننا بحاجة إلى توعية أطباء
العيادات الأولية بأمراض الروماتيزم وكيفية تحويل مرضى الروماتيزم للمراكز
المتخصصة، دون تأخير حيث إن التأخير يؤثر سلبًا على المرضى والاستجابة للأدوية.
هل أدى الإعلام دوره في خدمة رسالة
الجمعيات العلمية؟
- إلى حد ما أعتقد أن الإعلام- لاسيما
التلفزيون والصحافة- له محاولات جيدة من ناحية مشاركة الجمعيات في أثناء إقامة
المؤتمرات الطبية والإعلان عنها وإقامة بعض الندوات فيما يخص بعض الأمراض، ولكن
نأمل المزيد.
وهناك بعض التقصير من جانب الكادر
الطبي في المشاركة الإعلامية، وأعتقد أنه لابد أن تكون هناك مبادرة من الأطباء في
توعية المجتمع كل في تخصصه.
كيف تقيم تواجد الأطباء على شبكات
التواصل الاجتماعي؟
- إجمالًا جيد، ولكن كتواجد فقط أما
الجدوى من التواجد فللأسف أن أغلب الأطباء يتواجد لتسويق عياداته الخاصة أو يسوق
لنفسه حتى أن البعض يقوم باستقبال الحالات عبر حسابه وتشخيصها وهذا لا أرى أنه
مهني أما من الجانب التوعوي فهذا مطلوب ولكن الملاحظ أيضًا أن بعض الأطباء يتحدث
في تخصصات غير تخصصه وبالتالي تكون معلوماته غير مكتملة أو غير واضحة مما يخلق
مفاهيم مغلوطة عند الجمهور حول موضوع ما، وفي المقابل هناك أطباء يقدمون محتوي جيد
في مجالهم ولا يخرجون عنه وهؤلاء يستحقون التقدير والاحترام.
تعتبر الإحصاءات مؤشر قياس ودليل
للمختصين والباحثين والمهتمين.. ما مدى الاستفادة من الإحصاءات لدينا في السعودية
لمرضى الروماتيزم؟
- للأسف نفتقر للإحصاءات الدقيقة عن
الأمراض الروماتيزمية في المملكة العربية السعودية وعن مدى انتشارها وتوزيعها
جغرافيًا وعن شدة حدتها، ونحن في أمس الحاجة لهذه الإحصاءات، وأهيب بزملائي
الأطباء أن يكون هناك تعاونًا في عمل إحصاءات دقيقة، وأعتقد أن الجمعية السعودية
للروماتيزم يجب أن يكون لها دور في قيادة مشروع كهذا.
القطاع الطبي الخاص في معزل عن دعم
الابحاث والجمعيات المتخصصة
ما مدى الحاجة لأطباء في تخصص
الروماتيزم ؟
- طبعًا هناك حاجة ماسة لعدد أكبر من الأطباء في تخصص الروماتيزم أن عدد السكان وعدد
المرضى في ازدياد، وهناك مناطق بالمملكة العربية السعودية وأخص منطقة شمال المملكة
تفتقر لأطباء الروماتيزم، لذلك تجد الغالبية العظمى من المرضى يحولون إلى مستشفيات
مدينة الرياض أو المنطقة الغربية بينما يفترض أن يكون أطباء روماتيزم في كل منطقة
وكل مدينة.
غالبًا ما
تكون هناك علاقة بين الأمراض الجسدية والنفسية، وكون أمراض الروماتيزم من الأمراض
المزمنة، هل هناك تعاون بين أطباء الروماتيزم وأطباء الصحة النفسية؟
- للأسف لا
يوجد تعاون بالشكل المطلوب. أمراض الروماتيزم أو غيرها من الأمراض المزمنة
التي توتر أو تتأثر بالحالة النفسية يفضل أن تكون بمتابعة وإرشادات من الطب
النفسي، وفي ظل التطورات التقنية الآن أتمنى أن يوجد ربط بين الأطباء للاطلاع على
مثل هذه الحالات، وتقديم المشورة عند الحاجة وهذا بلا شك سيسهم في تحسين الحالة
الصحية للمريض.
هل لديكم
مؤلفات؟
- مؤلفاتي
تقتصر فقط على كتيبات توعية لبعض الأمراض الروماتيزمية باللغة العربية بالإضافة
إلى أوراق بحثية خاصة.
كيف تقيمون المحتوى
الطبي باللغة العربية؟
- رغم تطور
التقنية إلا أن نشر المحتوى الطبي الموثوق بالمؤلفات وغيرها، أقل كثير من السابق
وهذا ما يدعونا لطلب الجمعيات العلمية والقطاع الخاص بدعم المحتوى الطبي وأتمنى أن
تتبنى الجهات المعنية مشروعًا كهذا.
أطباء العيادات الأولية بحاجة إلى
التوعية بأمراض الروماتيزم
رسالتكم للأطباء والاطباء حديثي
التخرج؟
الرسالة الأولى؛ مشتركة وهي تذكيرهم
بأن مهنة الطب مهنة إنسانية في المقام الأول وأن يضع الجميع نصب عينيه الإخلاص في
التعلم والعمل.
الرسالة الثانية؛ للأطباء حديثي
التخرج وهي العمل الدؤوب على تطوير أنفسهم والمشاركة المستمرة في كل ما من شأنه
خدمة المرضى وأن لا تغلب المصالح الشخصية على المهنية.
ما رسالتكم لمرضى الروماتيزم؟
- المرض يبتلي به الله الإنسان وعليه
الاحتساب والصبر ومرضى الروماتيزم كغيرهم عليهم أخذ المعلومات والنصائح والإرشادات
من المصادر الموثوقة واستشارة الطبيب المختص عند الحاجة.
كلمة أخيرة؟
- أتمنى أن وفقت للإجابة على هذه
الأسئلة وأشكر لـ (جسور) هذا اللقاء المميز، وأسأل المولى عز وجل التوفيق للجميع.